الثلاثاء، 22 مارس 2016

فضل حفظ اسماء الله الحسنى

8 - فضل حفظ أسماء الله الحسنى

س: يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - :  إن لله تسعة وتسعين اسما ، لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة  أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - . هل كل من حفظ أسماء الله يضمن دخوله الجنة ؟  .
ج : هذا من أحاديث الوعد ، ومن أحاديث الفضائل ، وفيه غيره من أحاديث الفضائل ، يقول - صلى الله عليه وسلم - :  إن لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة  . وفيه لفظ آخر :  من حفظها دخل الجنة  متفق على صحته .
هذا فيه حث على العناية بأسماء الله ، وتدبرها ، وحفظها ، وإحصائها ، حتى يستفيد من هذه المعاني العظيمة ، وحتى يكون هذا من أسباب الخشوع لله ، وطاعته له ، والقيام بحقه
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 105)
سبحانه وتعالى .
ومن أسباب دخول الجنة لمن حفظها ، وأدى حق الله ، ولم يغش الكبائر . أما من غشي الكبائر من المعاصي فهو معرض لوعيد الله ، وتحت مشيئة الله ؛ إن شاء عذبه ، وإن شاء أدخله الجنة . لكن حفظ هذه الأسماء وإحصاؤها من أسباب دخول الجنة ، لمن سلم من الموانع الأخرى ؛ فإن دخول الجنة له أسباب ، وله موانع كالإقامة على المعاصي من أسباب منع دخول الجنة ، مع أول من دخلها ، مع الداخلين أولا ، فيعذب ثم بعد ما يطهر ويمحص إذا كان مات على المعاصي يدخل الجنة .
وقد يعفو الله عنه ، ويدخل من أول وهلة ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان - كفارات لما بينهن ، ما لم تغش الكبائر  يعني : كبائر الذنوب ، وهي المعاصي التي فيها وعيد أو غضب أو لعن ، مثل الزنى ، ومثل شرب الخمر ، ومثل عقوق الوالدين ، أو أحدهما ، ومثل أكل الربا ، ومثل الغيبة ، والنميمة ، وأشباهها من المعاصي .
هذه الأشياء خطيرة ، وأمرها خطير ، وصاحبها إذا مات عليها تحت مشيئة الله ؛ إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة بتوحيده وإسلامه ، وإن شاء عذبه على قدرها ، ثم بعد ما يطهر ويمحص في النار يخرجه الله من النار إلى الجنة . وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن كثيرا من
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 106)
العصاة يدخلون النار بمعاصيهم ، ويعذبون فيها على قدر معاصيهم .
ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجهم الله من النار ؛ بعضهم بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وبعضهم بشفاعة غيره من الملائكة والأنبياء والأفراط ، وبعضهم بمجرد عفو الله عنه ؛ لقول الله عز وجل :  إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ  .
هذه المعاصي تحت مشيئة معلقة ؛ إن شاء الله عفا عنهم وأدخلهم الجنة ، وإن شاء عذبهم على قدر معاصيهم ، ثم يخرجون من النار بعد التطهير ، ولا يخلدون ، فيدخلون الجنة بعد ذلك . ولا يخلد في النار إلا صاحب الكفر بالله والشرك ، فهم الذين يخلدون لا يغفر لهم .
أما أهل المعاصي فمن دخل النار لا يخلد عند أهل السنة والجماعة ، خلافا للخوارجوالمعتزلة ومن سار على مذهبهم الباطل ، فإنهم يرون أن العصاة يخلدون في النار ، فمذهبهم باطل . أما أهل السنة والجماعة فيقولون : العصاة تحت المشيئة إذا ماتوا على التوحيد والإسلام وعندهم معاص فهم تحت المشيئة إذا لم يتوبوا . . وفق الله الجميع .
س: هل من حفظ الأسماء الحسنى دخل الجنة ؟ 
ج : جاء في الحديث الصحيح ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :  إن لله تسعة
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 107)
وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة 
 . وفي لفظ :  من حفظها دخل الجنة  ، ولم يبينها - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة . لكن لو وفق الإنسان فأحصاها وحفظها ، وصادف أنها تسعة وتسعون - فهو موعود بهذا الخير .
هذا من أحاديث الفضائل إن لم يمت على كبيرة من كبائر الذنوب ، فالذي مات على كبيرة ، والكبائر من أسباب حرمان دخول الجنة ، من أسباب دخول النار ، إلا أن يعفو الله عنه .
والقاعدة الشرعية أن الآيات المطلقة والأحاديث المطلقة يجب أن تحمل على المقيدة وتفسر بها ؛ لأن القرآن لا يتناقض ، والسنة لا تتناقض . والأحاديث يصدق بعضها بعضا ، والآيات يصدق بعضها بعضا ، فوجب حمل المطلق من الآيات والأحاديث على المقيد ، وتفسر بذلك ، تفسير هذا بهذا .
وقد قال الله سبحانه :  إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا  . فاشترط في تكفير السيئات ودخول الجنة اجتناب الكبائر . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :  الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان - كفارات لما بينهن ، ما لم تؤت الكبائر  .
فإذا حفظ الأسماء الحسنى التسعة والتسعين ، وهو مقيم على الزنى أو الخمر - فهو معرض للوعيد . وهو على خطر من دخول النار ، إلا أن يعفو الله عنه أو يتوب . لكن إن دخلها
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 108)
وهو موحد مسلم بسبب بعض الكبائر لا يخلد فيها ، خلافا للخوارج والمعتزلة ، بل يعذب على قدر الجريمة ، ثم يخرجه الله من النار فضلا منه وإحسانا ، ولا يخلد في النار إلا الكفار ، الذين حكم عليهم القرآن بأنهم كفار أو السنة .
أما العصاة فلا يخلدون إذا دخلوا النار كالزاني والسارق والعاق لوالديه ، ونحو ذلك من أهل المعاصي لا يخلدون إذا دخلوا النار ، إذا ماتوا عليها ولم يتوبوا ، هم متوعدون بالنار . فإن عفا الله عنهم فهو أهل الجود والكرم سبحانه وتعالى ، وإن لم يعف عنهم عذبهم على قدر الجريمة التي ماتوا عليها ، ثم بعد ذلك يطهرون ، ثم بعد ذلك يخرجون من النار .
وقد أخبر النبي بهذا - عليه الصلاة والسلام - في أحاديث كثيرة متوافقة ، أن العصاة يخرجون من النار ، ويشفع فيهم - صلى الله عليه وسلم - عدة شفاعات ، ويشفع الملائكة ، ويشفع المؤمنون ، ويشفع الأفراط . هذا هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة ، خلاف الخوارج والمعتزلة . ويدل على هذا قوله سبحانه في كتابه العظيم : إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ  ، فجعل المعاصي تحت مشيئته سبحانه وتعالى ، وجعل الشرك لا يغفر إذا مات عليه .
من مات على الشرك فإنه لا يغفر ، بل صاحبه مخلد في النار ، نعوذ بالله ! إذا مات عليه ، وهو ليس من أهل الفترة ، ولا من في حكمهم - فإنه يخلد في النار ، نعوذ بالله !
أما من مات على شيء من المعاصي ، ولم يتب - فإنه تحت مشيئة الله سبحانه ؛ إن شاء الله عفا عنه
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 109)
فضلا منه وإحسانا ، وإن شاء عذبه على قدر الجريمة التي مات عليها . ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار ، فضلا منه ورحمة سبحانه وتعالى ، خلافا للخوارجوالمعتزلة فإنهم يقولون بخلود العاصي في النار ، وقولهم باطل عند أهل الحق .
س: أسأل سماحتكم عن حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :  إن لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة  . هل كلمة "أحصاها" الواردة في الحديث معناها حفظها ؟ أم قراءتها فقط ؟ وجهوني ، جزاكم الله خيرا !  .
ج : هذا الحديث مخرج في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وله لفظان : أحدهما : " أحصاها " ، واللفظ الثاني :  من حفظها دخل الجنة  . معنى " أحصاها " أي حفظها وأتقنها دخل الجنة . وإحصاؤها يكون بحفظها ، ويكون بالعمل بمقتضاها .
أما لو أحصاها ، وما عمل بمقتضاها ، ولا يؤمن بهاء - فإنها لا تنفعه ، فالإحصاء يدخل فيه حفظها ، ويدخل فيه العمل بمعناها . فالواجب على من وفقه الله لإحصائها وحفظها أن يعمل بمقتضاها ، فيكون رحيما ، ويكون أيضا عاملا بمقتضى بقية الأسماء . يؤمن بأن الله عزيز حكيم ، رءوف رحيم ، قدير عالم بكل شيء .
يؤمن بذلك ، ثم يراقب الله ، ويخاف الله ، فلا يصر على المعاصي التي يعلمها
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 110)
ربه ، بل يحذر المعاصي ، ويبتعد عنها وعن الكفر بالله كله بأنواعه ، إلى غير ذلك .
فهو يجتهد في حفظها مع العمل بمقتضاها ، مع الإيمان بالله ورسوله ، وإثبات الصفات والأسماء لله ، على الوجه اللائق بالله ، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل . يعلم أنها حق ، وأنها صفات لله وأسماء لله ، وأنه سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله . لا شبيه له ولا مثل له ، كما قال عز وجل في كتابه العظيم :  قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ  .
يؤمن بهذا ، وأنه صمد لا شبيه له ، تصمد إليه الخلائق ، وتحتاج إليه سبحانه وتعالى . هو الكامل في كل شيء ، وأنه لم يلد ولم يولد ، وأنه لا كفو له ، لا في صفاته ولا في أفعاله . ليس له كفء ولا مثل ولا سمي ، قال تعالى :  لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ  وقال :  هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا  ، وقال :  فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ  .
فهو سبحانه لا سمي له ولا شبه له ، ولا كفو له ولا ند له ، هو الكامل في كل شيء سبحانه في علمه وفي ذاته ، وفي حكمته وفي رحمته وفي عزته وفي قدرته . وفي جميع صفاته سبحانه وتعالى ، فمن أحصاها علما وعملا وحفظها علما وعملا أدخله
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 111)
الله الجنة .
أما إذا أحصاها وحفظها ، لكن قد أقام على المعاصي والسيئات - فهو تحت مشيئة الله ؛ إن شاء الله غفر له ، وإن شاء عذبه بمعاصيه . ثم بعد تطهيره من المعاصي يخرجه الله من النار إلى الجنة ، إذا كان مات على التوحيد والإسلام ، كما قال الله سبحانه : إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ  .
والكبائر تشمل الشرك وأنواع الكفر ، وتشمل المعاصي التي حرم الله وجاء فيها اللعن ، والغضب والوعيد من الكبائر . فعلى العبد من العباد الرجال والنساء أن يجتنبوها ؛ ولهذا قال سبحانه :  إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ  يعني الصغائر  وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا  .
ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :  الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان - كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر  وفي لفظ :  ما لم تغش الكبائر  ، كالزنى والسرقة وعقوق الوالدين أو أحدهما ، وقطيعة الرحم ، وأكل الربا ، والغيبة والنميمة ، والتولي يوم الزحف ، والسحر ، إلى غيرها مما حرمه الله من الكبائر .
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 112)
والمقصود أن إحصاء الأسماء الحسنى وحفظها من أسباب السعادة ، ومن أسباب دخول الجنة لمن أدى حقها ، واستقام على طاعة الله ورسوله ، ولم يصر على الكبائر
.
س: سائل من سوريا يقول : كيف أفرق بين الأسماء والصفات ، جزاكم الله خيرا ؟ .
ج : الأسماء واضحة إذا كان المقصود أسماء الله وصفاته ؛ لأن السؤال مجمل ، فأسماء الله ما سمى به نفسه كالعزيز والحكيم والقدير والسميع والبصير ، هذه يقال لها أسماء . والصفات : السمع ، البصر ، العلم ، القدرة ، وما أشبه ذلك . هذا الفرق بينهما .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق